سورة النور - تفسير تفسير ابن عبد السلام

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النور)


        


{وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32)}
{وَأَنكِحُواْ} خطاب للأولياء، أو للأزواج أن يتزوجوا ندباً عند الجمهور أو إيجاباً {الأَيَامَى} المتوفى عنها زوجها، أو من لا زوج لها من الثيب والأبكار، رجل أيم وامرأة أيم {وَالصَّالِحِينَ} أنكحوا الأيامى بالصالحين من رجالكم، أو أمر بإنكاح العبيد والإماء كما أمر بإنكاح الأيامى {فُقَرَآءَ} إلى النكاح يغنهم الله به عن السفاح، أو فقراء من المال يغنهم الله تعالى بقناعة الصالحين، أو باجتماع الرزقين {وَاسِعٌ} الغنى {عَلِيمٌ} بالمصالح، أو واسع الرزق عليم بالخلق.


{وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (33)}
{فَكَاتِبُوهُمْ} ندباً، أو وجوباً إذا طلب العبد {خَيْراً} قدرة على الاحتراف والكسب «ع» أو مالاً، أو ديناً وأمانة، أو وفاءً وصدقاً أو الكسب والأمانة. {وَءَاتُوهُم} من الزكاة من سهم الرقاب أو بحط بعض نجومه ندباً، أو إيجاباً فيحط ربعها، أو سهماً غير مقدر «ع»، كان لحويطب بن عبد العزى عبد سأله الكتابة فامتنع فنزلت، {فَتَيَاتِكُمْ} الإماء {الْبِغَآءِ} الزنا {تَحَصُّناً} عفة {إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً} لا يتحقق الإكراه إلا عند إرادة التحصن لأن من لا تبغي التحصن تسارع إلى الزنا بغير إكراه، أو ورد على سبب فخرج على صفة السبب وليس بشرط فيه كان ابن أُبَيِّ يُكره أمته على الزنا فزنت ببرد فأخذه وقال: ارجعني فازني على آخر فقالت: لا والله وأخبرت الرسول صلى الله عليه وسلم فنزلت. وكان ذلك مستفيضاً من عادتهم طلباً للولد والكسب {لِّتَبْتَغُواْ} لتأخذوا أجورهن على الزنا {غَفُورٌ رَّحِيمٌ} للمُكْرَهات دون المُكْرِهين.


{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35)}
{نُورُ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ}: هاديهما أو مدبرهما، أو ضياؤهما أو مُنَوِّرهما؛ نَوَّر السماء بالملائكة والأرض بالأنبياء، أو السماء بالهيبة والأرض بالقدرة، أو نَوَّرهما بالشمس والقمر والنجوم {مَثَلُ نُورِهِ} نور المؤمن في قلبه، أو نور محمد صلى الله عليه وسلم في قلب المؤمن، أو نور القرآن في قلب محمد صلى الله عليه وسلم أو نور الله تعالى في قلب محمد صلى الله عليه وسلم، أو قلب المؤمن {كَمِشْكَاةٍ} كُوَّة لا تنفذ و{الْمِصْبَاحُ} السراج، أو قنديل والمصباح: الفتيلة، أو موضع الفتيلة من القنديل وهو الأنبوب والمصباح: الضوء «ع»، أو السلسلة والمصباح: القنديل، أو صدر المؤمن والمصباح: القرآن الذي فيه والزجاجة قلبه والمشكاة، حبشي معرَّبٌ، {الْمِصْبَاحٌ فِي زُجَاجَةٍ} القنديل؛ لأنه فيها أضوأ قاله الأكثرون، أو المصباح القرآن والإيمان والزجاجة قلب المؤمن {كَوْكَبٌ} الزهرة، أو كوكب غير معين عن الأكثر {دُرِّيء} يشبه الدر في صفاته، دُرِّيٌ: مضيء، دِرِّيءٌ: متدافع قوي الضوء من درأ دفع، دِرِّيٌّ: جارٍ درأ الوادي إذا جرى، والنجوم الدراري الجواري {شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ} إبراهيم عليه الصلاة والسلام، والزجاجة: محمد صلى الله عليه وسلم، أو صفة لضياء دهن المصباح {مُّبارَكَةٍ}؛ لأنها من زيتون الشام وهو أبرك من غيره، أو لأن الزيتون يورق غصنه من أوله إلى آخره {لا شَرْقِيَّةٍ} ليست من شجر الشرق ولا من شجر الغرب لقلة زيت الجهتين وضعف نوره ولكنها من شجر ما بينهما كالشام لاجتماع القوتين فيه، أو لا شرقية تستتر عن الشمس عند الغروب ولا غربية تستتر عنها وقت الطلوع بل هي بارزة من الطلوع إلى الغروب فإنه أقوى لزيتها وأضوأ، أو هي وسط الشجر لا تنالها الشمس إذا طلعت ولا إذا غربت وذلك أجود لزيتها، أو ليس في شجر الشرق ولا في شجر الغرب مثلها، أو ليست من شجر الدنيا التي تكون شرقية، أو غربية، وإنما هي من شجر الجنة «ح» أو مؤمنة ليست بنصرانية تصلي إلى الشرق ولا يهودية تصلي إلى الغرب، أو الإيمان ليس بشديد ولا لين؛ لأن من أهل الشرق شدة وفي أهل الغرب لين {يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِىءُ} صفاؤه كضوء النهار {وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ} أو يكاد قلب المؤمن يعرف الحق قبل أن يُبين له، أو يكاد العلم يفيض من فم المؤمن العالم قبل أن يتكلم به «ح» أو تكاد أعلام النبوة تشهد للرسول صلى الله عليه وسلم قبل أن يدعو إليه {نُّورٌ عَلَى نُورِ} ضوء النار على ضوء الزيت على ضوء الزجاجة، أو نور النبوة على نور الحكمة، أو نور الرجاء على نور الخوف، أو نور الإيمان على نور العمل، أو نور المؤمن هو حجة لله يتلوه مؤمن هو حجة لله حتى لا تخلو الأرض منهم، أو نور نبي من نسل نبي {لِنُورِهِ} نبوته، أو دينه، أو دلائل هدايته {وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ} هذا مثل ضربه للمؤمن في وضوح الحق له وفيه، أو ضربه لطاعته وسماهما نوراً لتجاوزهما عن محلهما، أو قالت اليهود يا محمد كيف يخلص نور الله من دون السماء فضرب الله تعالى ذلك مثلاْ لنوره «ع».

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10